(٢)
كنْتُ و في كلِّ مرّةٍ أذهبُ فيها إلى المعلمةِ جودي و أسألَها عن أمي و أبي كانَتْ تعطيني ورقةً وألواناً وتقول لي :
عندما تشتاقُ إليهم ارسمهم ! ارسم أيّاً ما تفكّرُ به !
كانت تلكَ الطريقةَ الأمثل لتسكينِ جراحي الطفولية التي لم أكنْ أستطيعُ أن أحدّدَ موطنَ ألمها ؟!
كانَتْ هي وطني الخرافيّ الذي أبحثُ فيهِ عن هويتي وتذكرة سفري ، وحتى أنّني كنْتُ في كثيرٍ من الأحيانِ لا أعرفُ ماذا أرسم !
فكيفَ يمكنُ للمرءِ أن يرسمَ شيئاً لم يعرفه ولم يختبره ؟!
كنْتُ أرسمُ الكثيرَ من الوجوهِ و أحياناً وجهَ المعلمةِ جودي نفسَهُ !
و أتخيّلُها تشبهُ أمي لأنّها كانت مصدرَ العطفِ والحنانِ بالنسبة لي !!
ورويداً رويداً لم يعدْ خيالي يتسّعُ في الأوراقِ !
فأرسمُ على الجدرانِ كلَّ ما أراهُ أمامي وأشعر بأنهُ ينتمي إلى وطني الخيالي الذي كنْتُ أعيشُ فيه ..
ربّما هذا ما ساعدني على خلقِ شخصياتٍ بنيْتُها في خيالي و بنيْتُ لها عالماً تمنّيتُهُ و رحْتُ أسدُّ الفراغاتِ بالكتابةِ حتّى امتلأتْ أوراقي !
لذا و بلحظةِ جنونٍ كنْتُ أعتبرُ كل َّمكانٍ أقمْتُ فيه و كلَّ جدارٍ رسمْتُ عليهِ وطني و انتمائي …
يتبع —-
720 total views