سبوت ميديا – Spot Media

تابع كل اخبار الفن والمشاهير والتكنلوجيا والرياضة والعديد من المواضيع الاجتماعية والثقافية

مجد فادي يعقوب
أدب حروف تائهه

رغيف خبز ؟!

(٤)


لمْ أكن أعرفُ في ذلكَ الصباحِ أنّ تلكَ الأوراق و الألوان التي رسمْتُ بها وطني الخيالي

هي نفسها جوازُ سفري وتذكرتي للرحيلِ من ذلكَ الوطن إلى وطنٍ أحملُ فيهِ هويّةً و أرفعُ علمهُ عندَ استلامي الجوائز !!…


كانَت سماح !! تلكَ الفتاةُ التي جاءَ بها الفرّان ذلكَ الصباح !!


اقترَبَتْ منّي وسلّمَت عليّ وعرّفتني على نفسها :

إنّها سماح رسّامةٌ و فنّانةٌ كانَت على علاقةٍ مع رغيفِ الخبزِ في فنّها !

كانَت تعتنقُ الإنسانيةَ في فنّها ولوحاتها ، تقيمُ المعارضَ وتبحثُ دائماً عن الفنّ الذي تُخرجهُ الحياةُ بقسوتها !

أُعجبَت بكلّ ما رسمْتُه و عاشَت خطوطَ لوحاتي وألواني و رأَت فيها وجهَ أمي وأبي

وتعرّفَت بفطرتها على شخصياتِ وطني الخيالي ! ..


اقترَبَتْ منَي وهمَسَت في أذني ؛
( أتسمحُ لي أيّها الشاب أن أعرضَ لوحاتِكَ في معرضي !!!) ..


في تلكَ اللحظة دقّتْ نواقيسُ الدهشةِ في رأسي !!

كانَتْ لحظةً تنفّسْتُ فيها الأمل و للحظةٍ و صورةُ وجهِ معلمتي جودي تمرُ في خيالي وصوتها يقولُ لي :

( كلّما اشتقْتَ لهم ! ارسمهم !!! ) أجبْتُها بشغفٍ : أجلْ نعم …


ارتدَيْتُ الحقيقةَ ذلكَ اليوم والقاعةُ تملؤها لوحاتي والناسُ في كلّ مكانٍ هرجٌ و مرجٌ …


بيعَتْ لوحاتي وبينما كانوا يدفعونَ ثمنها كنْتُ أشتريها في نفسِ الوقتِ في خيالي

فهي أمّي و أبي ووطني ونسبي ! فهل يبيعُ المرءُ وطنَهُ ؟!


بيعَتْ !! أجل بيعَتْ كلّها !

تهافَتَ عليها الأثرياءُ ممّن يبحثونَ عن الأوطانِ الخياليّةِ في الكتبِ والمعارض !

فهم يعيشونَ في ترفٍ ويبحثون عن فتاتِ رغيفِ الخبزِ في المعارضِ وليسَ في الأفرانِ !

فهم يمتلكونَ أنواعاً وأنواعاً من الخبزِ لكلّ المناسبات ..


هنّأتْني سماح وقدّمَت لي النقود ! ثمنَ وطني الخيالي الذي ودّعتهُ في ذلكَ اليوم ..


لم أنسَ رغيفَ الخبزِ والفرّان أعطيْتُهُ ما استطعْتُ لقاءَ طلبٍ وحيد أوصيْتُه به : ( أعطِ مَن يسألَكَ رغيفاً ) …


كانَ هذا تذكرتي إلى الكتابةِ رغبةً منّي أنْ أسدَّ الفراغاتِ التي لم أستطعْ أن أملأها بالرسم ..


كيف اعتادت أصابعي بهذه السرعة على هذا التبديل الجذري الذي طرأ عليها ؟!


ولكن ورغمَ أنّني صرْتُ أملكُ صيتاً ومالاً وذاعَتْ شهرتي من كتاباتي

لم أنسَ رغيفَ الخبزِ ولا وطني الخيالي فقد كنْتُ أزورهم دوماً بينَ سطوري وكلماتي وكنْتُ دوماً أبحثُ عن وجهِ أبي وأمي ..


ولم أنسَ وجهَ معلّمتي جودي فقد أهديْتُها ذاتَ صباحٍ أوّلَ روايةٍ لي حينَ قصدْتُها في الميتم

وكانَ مع روايتي كيساً فيهِ رغيفَ خبز ..

النهاية ـــــــ

مجد فادي يعقوب

 567 total views

هل كان المقال مفيداً ؟

اترك رد