Site icon سبوت ميديا – Spot Media

لماذا أثار فيلم “أصحاب ولا أعز” كل تلك الضجة؟

فيلم أصحاب ولا أعز

ربما يتعجب كثيرون، ممن شاهدوا الفيلم العربي “أصحاب ولا أعز”، الذي بدأت منصة نتفليكس العالمية عرضه قبل أيام، لحجم الضجة والانتقادات الحادة التي أثارها، في وقت يرى فيه نقاد، أن جل الانتقادات التي أُثارها الفيلم، جاءت ممن يعتبرون أنفسهم “حراس الفضيلة” في المجتمعات العربية، والذين يرون أنه من الخطأ، تعرية عيوب المجتمع حتى وإن كانت موجودة.

ومنذ مشاهدها الأولى تبدو أحداث الفيلم ،وهي تدور ضمن إطار اجتماعي، وبيئة لا تمثل القطاع الواسع من المجتمعات العربية، التي تعاني من هموم مختلفة، تلهث في غالبها وراء لقمة العيش، وتعاني من نقص الوقود، وغلاء الأسعار، وتدبير تكاليف معيشتها، فمعظم أبطال الفيلم، يبدون من طبقة أعلى من المتوسطة، تعيش حياة مختلفة، ولها همومها المختلفة.

غير أن الفيلم، تعرض إلى قضايا إنسانية واجتماعية مشتركة، ربما تتشارك فيها كل الطبقات، من قبيل الخيانة الزوجية والمثلية الجنسية، ودور وسائل الاتصال الحديثة في الإضرار بالعلاقات الزوجية، وقد انصب الجدل الذي لاحق الفيلم منذ بدء عرضه، على العديد من الجوانب سنعرض لبعضها هنا وأهمها أولا: ما إذا كان يجب على الدراما بكافة أشكالها أن تعكس صورة حقيقية للمجتمع؟ ثانيا: قضية الممثل وكيف يراه الجمهور، في ظل الهجوم الذي تعرضت له واحدة من بطلات الفيلم، وهي الفنانة المصرية منى زكي، ثم قضية دور وسائل التواصل الحديثة، في تحويل أفراد الأسرة إلى صناديق أسرار مغلقة.

وقصة فيلم “أصحاب ولا أعز” مستوحاة من الفيلم الإيطالي الشهير (Perfect strangers ) وهي النسخة رقم 19 له، ويتعرض الفيلم لحكاية سبعة أصدقاء، قرروا خلال حفل عشاء، في ليلة خسوف للقمر، ترك هواتفهم النقاله مفتوحة على الطاولة، ما كشف أسرارا مثيرة، حول حياتهم الشخصية، مثل الخيانة الزوجية والمثلية الجنسية.

NINE PERFECT STRANGERS MOVIE

الدراما وقيم المجتمع

تركز جل الانتقاد الموجه لفيلم “أصحاب ولا أعز” على أنه يسعى إلى هدم قيم المجتمع العربي، ورأى كثير من المنتقدين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن الفيلم، لايمثل القيم السائدة في المجتمع، وأنه يرقى إلى مستوى المؤامرة، لأنه يسعى من وجهة نظرهم، إلى الترويج للخيانة الزوجية والمثلية الجنسية إلى غير ذلك.

غير أن المنتقدين تجاهلوا، أن المنصة المنتجة للفيلم، هي منصة دولية وتنتج أفلاما، ربما لا تخضع لأجهزة الرقابة في العالم العربي، وأنهم ليس من حقهم أن يتحكموا في اختيارات جمهور، يدفع اشتراكات للمنصة ليشاهد مايشاء من أفلام 

فيلم أصحاب ولا أعز

وفي غمرة الحديث عن قيم المجتمع والدفاع عنها، الذي شغل كثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، رد بعض المدافعين عن الفيلم بأنه لايوجد مجتمع ملائكي أو مثالي، وأن المجتمعات العربية، تشهد مثل تلك الظواهر التي عرض لها الفيلم، مثلها في ذلك مثل المجتمعات الأجنبية، لكن الفارق من وجهة نظرهم، هو أن مجتمعاتنا تخفيها ولا ترغب في كشفها، وكأنها غير موجودة.

من جانب آخر نفى بعض النقاد، أن يكون الفيلم يشجع على المثلية، لأنه تناولها في سياق درامي، ودون تأييد لها أو تشجيع عليها، غير أن القضية على مايبدو تستخدم سياسيا، فقد قدم الصحافي والنائب في البرلمان المصري مصطفى بكري، بيانا عاجلا لمجلس النواب يتهم الفيلم بأنه “يحرض على المثلية الجنسية والخيانة الزوجية ويتنافى مع قيم وأعراف المجتمع”، في وقت يبدو ذلك بالنسبة لكثيرين متناقضا، إذ بينما ينبري السياسيون للتنديد بفيلم سينمائي، فهم يتغافلون عن مشكلات أكبر يعاني منها المجتمع المصري.

مشهد منى زكي

الممثل والخط الوهمي

حظيت الفنانة المصرية المشاركة في الفيلم منى زكي، بالنصيب الأكبر من الهجوم والانتقاد، وانصبت الانتقادات الموجهة لمنى زكي، على مشهد وصفه المنتقدون بالـ “جرئ”، وتقوم فيه بخلع جزء من ثيابها الداخلية، من تحت فستان أزرق كانت ترتديه، ورغم أن جسدها لم يظهر في تلك اللقطة، حيث كانت الكاميرات، مركزة على وجهها، فإنها لم تسلم من الإساءات التي وصلت إلى حد الشتائم، والتي طالت أيضا زوجها الممثل المصري أحمد زكي.

ورد العديد من النقاد تركيز الانتقادات على منى زكي إلى كونها فنانة تحظى بشعبية واسعة، وأن الدور الذي قامت به في الفيلم، ربما كان مختلفا تماما عن الأعمال التي عرفها الجمهور من خلالها سابقا، وكانت منى زكي قد وجهت عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، التهنئة لزملائها في الفيلم، فيما اعتبره البعض تجاهلا للانتقادات التي نالتها، كما دافعت عنها نقابة الممثلين في مصر.

ويعتبر نقاد سينمائيون أن هناك حالة من الخلط، لدى الجمهور العربي، بين حياة الفنان الخاصة وأخلاقه، وبين الأدوار التي يتقمصها خلال الأعمال الفنية، ويشيرون إلى مايعرف بالخط الوهمي، الذي يفصل بين الفنان كإنسان يعيش حياة طبيعية، وبين متطلبات الصفات التي يجب أن يظهر بها، خلال أدائه لدور في فيلم، وأن الجمهور يكسر هذا الحاجز، فيخلط بين الجانبين وهو أمر غير علمي ولا منطقي.

وسائل الاتصال الحديثة

ترتكز اللعبة التي يلعبها أبطال الفيلم، والتي تكشف أسرار كل منهم، وتؤدي إلى حالة من الصدمة، تجاه كل منهم في نظرته إلى الآخر، إلى جهاز الهاتف النقال، الذي يصفه أبطال الفيلم، بأنه يحوي أسرار كل شخص ويمثل صندوقا مغلقا، وقد أدت اللعبة التي اختار فيها الأصدقاء السبعة، أن يجعلوا الرسائل والمكالمات التي ترد إلى هواتفهم علنية للجميع، إلى اكتشاف حقائق صادمة لهم منها الخيانة الزوجية وكون أحد الأصدقاء مثليا.

ويطرح ماجاء في الفيلم حقيقة واقعة، تتمثل في تحول جهاز الهاتف النقال لأي شخص، إلى مايشبه صندوق الأسرار المحكم عن حياته، والتي ربما تظل أسرارا حتى بالنسبة لشريك الحياة، ويمكن أن تدمر الحياة الزوجة في حالة تكشفها لأي من طرفي العلاقة.

وبعيدا عن الفيلم،فإن قضية حق الزوج أو الزوجة، في مطالعة مايحويه جهاز الهاتف النقال لكل منهما، حظيت بكثير من الجدل والنقاش، في مناسبات عدة، وفي الوقت الذي يقول فيه بعض الأزواج، إنهم يتبادلون كلمات السر لهواتفهم فإن العديد من رجال الدين، أفتوا بعدم مشروعية ذلك، قائلين إن الأمر يتعلق بالخصوصية، وأن تفتيش الزوج أو الزوجة في هاتف شريكه، أمر يؤدي إلى خراب البيوت على حد قولهم.

ويتفق مختصون بعلم النفس، والعلاج الأسري مع مايقوله رجال الدين، ويرون أن تفتيش الزوج أو الزوجة في هاتف شريكه، يتسبب في مشاكل زوجية، ويزيد الفجوة بين الزوجين، لأنه يمثل اقتحاما للحياة الشخصية والخصوصية، كما أنه يؤدي إلى زيادة الشك بين الطرفين.

 1,721 total views

Exit mobile version